الثلاثاء، 2 سبتمبر 2014

نظرة في حقيقة الانتماء

الانتماء الحقيقي هو الإنتماء  المبني على المعرفة والعلم اليقيني المجرد من الهوى والباعث النفسي كالمصالح ، فهو  يعي جوهر الأمر الذي ينتمي إليه ، ولا يكون انتماء سطحي جاهلي كالذي يعبد المصطلحات من غير البحث عن حقيقتها وجوهرها والمراد منها وأسبابها ،فلا يعقل من منتمي لأمر معين أي ما كان  سواء فكرا أو حزبا او عقيدة وهو لا يدرك  أي شيء عنه سوى شعارا يردده ولو سألته عن معناه والمراد منه لخر صم بكم عمي فهم لا يفقهون او كالذي ينعق خلف الراعي  .
وخير الانتماء أن تكون منتمي  للإسلام وهنا نوضح نقطة جوهرية وهي أن هناك  فرق بين الإسلام والمسلمون ، فالمسلمون هم عبارة عن تطبيق للمنهج قد يصيبوا وقد يخطئوا المنهج ولهم أسبابهم ، وكذلك التاريخ ليس مصدرا معتمدا  في الإسلام وإنما هو عبارة عن حركة المسلمون ، فالإسلام هو منهج كامل والمسلمون لهم وعليهم  والخطأ يقع بالتطبيق ومن المسلمون وليس في المنهج "الإسلام".
 فمن غيرالمعقول أن تسأل مسلم لماذا أنت مسلم فلم يجد جوابا ؟ أو تسأله :عرف الإسلام بكلام يسير بسيط موجز يفهمه المسلم والغير مسلم فلا يقرر جوابا شافيا وإنما يأتيك بعدة أجوبة بعضها تناقض بعض وبعيدة كل البعد عن الفهم الصحيح للدين , وإن المفهوم هو من يحدد المسير ، فمن فهم الإسلام على أنه عبادات فقط  لا أكثر فسيركن إلى طرف المسجد ويجعله صومعة له يتعبد بها  وفي الخارج تراه أشبه بإبليس يعاني من ازدواجية في الشخصية ، ومن فهم الإسلام على أنه عبارة عن اخلاقيات من غير طاعة فهو للزندقة أقرب , ومن لم ير في الدين إلا كلمة حرام ومكروه فهو للغلو عابد وللتطرف أسير , ومن ظن أن الدين خانق للحريات وظالم للحقوق فهو أجهل الجاهلين بدينه ، وهكذا كل على حسب  فهمه  للإسلام ينضبط  بقدر المفهوم , ويسير ويحدد مسيره في التطبيق ، ومن هنا دخل  الوهن واستكان المسلمون لعدم فهمهم للإسلام كما فهمه الأقدمون مدرسة النبوة ومن سار على منهجهم .
وكذلك المنتمي لحزب معين فإنه مطالب بمعرفة الحزب ونظرته الدينية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية ومصادره والمبادئ التي يرتكز عليها في ايدولوجيته  ،  
واضرب مثالا بسيطا قد سألت  أحدهم يوما يردد  على مسامعنا  دائما أنه يدعم الفكر الشيوعي ويدعو له فقلت حبذا لو تعرفنا ما هي الشيوعية أولا حتى  يتسنى لنا ان نقرر هل هي مناسبة لدينا ولثقافتنا ولمجتمعنا ؟  او ما هي الشيوعية التي تدعو لها ؟ فاذ به يتكلم كلاما عاما فأيقنت بلحظتها أنه يدعو لشيء لا يفقهه  وإنما ينعق خلفهم من غير بينة ونور ، ومثال اخر أحدهم يدعو للفكر الاسلامي فرد عليه نصراني ما هو موقف الإسلام من الغير مسلمين تحت الحكم الاسلامي؟ فبرر جوابه أن ترك الجدال  أولى وإن كان محقا (( وهذا الجهل المطبق في حكم النقاش))
 واخر يدعو لحزبه الاسلامي إنه هو الصواب والمعصوم من الزلل  وإنه هو منقذ  البشرية من الجاهلية المعاصرة  فإن فكرت أن تسأله  إلى ماذا يدعو أسرع وأجاب جوابا عاما وقال ادعو الى " الإسلام" وجهل هذا أن كلنا مسلمون  مثله , فإن رددت عليه الكرة أخرج من صندوق التهم الفتنة والتكفير والردة والتفسيق والتبديع !!
وهذا الفريق من الناس قد عطلوا عقولهم واستأجرها غيرهم ليملأها ما يريده , فقد حُولوا الى أداة تدار وفق المطلوب , فلا عجبا  أن تسمع من يقول أنا مسلم شيوعي أو مسلم علماني, فتحرير  العقول يتمثل بعدم الانقياد خلف كل متكلم عذب اللسان جميل المنطق حسن المنظر كما جاء بالحديث أنه  قدم رجلان من المشرق فخطبا فعجب الناس لبيانهما  فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن من البيان لسحرا أو إن بعض البيان لسحر ) أخرجه البخاري .
وإنما يدور العقل مع الدليل ( قل هاتوا برهانكم ان كنتم صادقين ) فالمتكلم قبل الكلام وما كثر  الدجل والكذب واللعب بالدين والتجارة به للوصول لقلوب البشر كونهم يصدقون كل من ادعى أنه ناصر للحق وانتشرت  الخرافات وطغيان  الدراويش على مجتمعنا إلا بسبب الطاعة العاطفية  العمياء وترك العقلانية المبنية على الحجة والبرهان والدليل الساطع المفهوم  ،وإن القناعة والمعرفة والعلم ترسخ الانتماء فيكون دائم وليس عاصفة مؤقتة خرجت بساعة الحماس المؤقت  .
ونصيحتي هي (( قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين  يوسف108))  يقول  الله جل جلاله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم أن يدعو إلى الله على بصيرة من ذلك ويقين وبرهان شرعي وعقلي ، هو وكل من اتبعه ،فكن على بصيرة بما تدعو اليه ولا تكن كالغنم خلف الراعي تدور اينما دار, واعلم حقيقة الامور وجوهرها ولا يغرك الخطاب العاطفي.
 




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق