الاثنين، 28 يناير 2013

الإحسان إلى الزوجة


ما يفعله بعض الناس اليوم ، تجده سيئ الخلق مع أهله ، حسن الخلق مع غيرهم ، وهذا خطأ عظيم ؛فإن أهلك أحق بإحسان الخلق ؛ أحسِن الخلق معهم ؛ لأنهم هم الذين معك ليلاً ونهاراً ، سراً وعلانية ، إن أصابك شيء أصيبوا معك ، وإن سررت سروا معك ، وإن حزنت حزنوا معك ، فلتكن معاملتك معهم خيراً من معاملتك مع الأجانب ، فخير الناس خيرهم لأهله.
فعن عائشة رضي الله عنها قالت : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : «خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي » . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وصححه الالباني  
وفي هذا الحديث دليل عظيم على محاسن الإسلام التي جاء بها ، ومن جملتها أنه جعل الإحسان إلى الزوجة والعيال من أفضل الأعمال والقربات ، وفاعله من خيرة الناس ، فأَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا , لِأَنَّ كَمَالَ الْإِيمَانِ يُوجِبُ حُسْنَ الْخُلُقِ والإحسان إلى كافة الناس , وخياركم خياركم لنسائه لِأَنَّهُنَّ مَحَلُّ الرَّحْمَةِ لِضَعْفِهِنَّ , وقوله : خيركم خيركم  لأهله : أي لأزواجه وأقاربه ،  وذلك لدلالته على حسن الخلق ، "وأنا خيركم لأهلي " فأنا خيركم مطلقا ، وكان أحسن الناس عشرة لهم صلى الله عليه وسلم  ، فكان على خلق عظيم.
وقال صلى الله عليه وسلم :" لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي منها آخر . أو قال : غيره " رواه مسلم ,وقال النووي في شرح صحيح مسلم " الصواب أنه نهي أي ينبغي أن لا يبغضها ، لأنه إن وجد فيها خلقا يكره وجد فيها خلقا مرضيا بأن تكون شرسة الخلق لكنها دينة أو جميلة أو عفيفة أو رفيقة به أو نحو ذلك ."

فهذا الإرشاد من النبي صلّى الله عليه وسلم ، للزوج في معاشرة زوجته من أكبر الأسباب والدواعي إلى حسن العشرة بالمعروف ، فنهى المؤمن عن سوء عشرته لزوجته. والنهي عن الشيء أمر بضده, وأمره أن يلحظ ما فيها من الأخلاق الجميلة ، والأمور التي تناسبه ، وأن يجعلها في مقابلة ما كره من أخلاقها ؛ فإن الزوج إذا تأمل ما في زوجته من الأخلاق الجميلة ، والمحاسن التي يحبها ، ونظر إلى السبب الذي دعاه إلى التضجر منها وسوء عشرتها ، رآه شيئاً واحداً أو اثنين مثلاً ، وما فيها مما يحب أكثر. فإذا كان منصفاً غض عن مساوئها لاضمحلالها في محاسنها.
وبهذا : تدوم الصحبة ، وتؤدّى الحقوق الواجبة والمستحبة وربما أن ما كره منها تسعى بتعديله أو تبديله , وأما من غض عن المحاسن ، ولحظ المساوئ ولو كانت قليلة , فهذا من عدم الإنصاف , ولا يكاد يصفو مع زوجته.
والناس في هذا ثلاثة أقسام:
أعلاهم : من لحظ الأخلاق الجميلة والمحاسن ، وغض عن المساوئ بالكلية وتناساها.
وأقلهم توفيقاً وإيماناً وأخلاقاً جميلة : من عكس القضية ، فأهدر المحاسن مهما كانت ، وجعل المساوئ نصب عينيه. وربما مددها وبسطها وفسرها بظنون وتأويلات تجعل القليل كثيراً ، كما هو الواقع.
والقسم الثالث : من لحظ الأمرين ، ووازن بينهما ، وعامل الزوجة بمقتضى كل واحد منها.

فينبغي للإنسان أن يكون مع أهله خير صاحب وخير محب وخير مُربًّ  ؛ لأن الأهل أحق بحسن خلقك من غيرهم. أبدا بالأقرب فالأقرب .

اسأل الله أن يكمل لي وللمسلمين الإيمان ، وأن يجعلنا خير عباد الله في أهلنا ومن لهم حق علينا.

كتبه سمير ابو تيلخ 28/1/2013