الجمعة، 26 يوليو 2013

موتوا بغيظكم



 
 
شتان بين النقد المبني على البرهان الواضح المبين  وبين الاتهام الغير مبرر ومجرد شكوك ووهوم وظنون وهمية  او حقد دفين  ، فالبينة على من ادعى واليمين على من انكر كما جاء بالحديث الصحيح ،فعلى كل مسلم عامل للخير مبتغيا  رضا الله ان لا يكترث لما يقال عنه من اللمز الافتراء والبهتان من افواه الحاقدين او الجاهلين  , ولا يحزنه قول الذين يلمزون المطوعين بالصدقات ويتهمونهم بأبشع التهم  والاشاعات لنيل مطلب دنيوي رخيص زائل ،كقول البعض ان  جباة  الزكاة اكلوا وسرقوا اموال الزكاة وركبوا افخر السيارات من وراء الزكاة ، فلا تخرج هذه التهم الا من افواه الحاقدين او الجاهلين  بالأمر او المنفاقين او الذين في قلوبهم مرض الشك .

وصف  الله  تعالى هذه الشرذمة فقال  ((الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ - سورة التوبة))  قَوْلُهُ تَعَالَى الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ))  يلمزون أي يعيبون , ( المطوعين ) وهم الذين يفعلون الشيء تبرعا من غير أن يجب عليهم , ومعنى سخر الله : مجازاتهم على سخريتهم , وقال القرطبي في تفسيره ان هذه من صفات المنافقين , وقال : وذلك أن عبد الرحمن بن عوف  تصدق بنصف ماله ، وكان ماله ثمانية آلاف فتصدق منها بأربعة آلاف . فقال قوم : ما أعظم رياءه  ( انه يفعل ذلك رياء) ; فأنزل الله : الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات  واخرج مسلم في صحيحه  عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ، قَالَ: «أُمِرْنَا بِالصَّدَقَةِ» قَالَ: كُنَّا نُحَامِلُ ، قَالَ فَتَصَدَّقَ أَبُو عَقِيلٍ بِنِصْفِ صَاعٍ، قَالَ: وَجَاءَ إِنْسَانٌ بِشَيْءٍ أَكْثَرَ مِنْهُ، فَقَالَ الْمُنَافِقُونَ: إِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ عَنْ صَدَقَةِ هَذَا، وَمَا فَعَلَ هَذَا الْآخَرُ إِلَّا رِيَاءً، فَنَزَلَتْ: {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ}.

وليعلم الجاهل ان عدم معرفته بالشيء لا يدل على عدمه , وان الحاقد الذي اصيب بمرض  الحقد فشأنه شان المنافقين يظهرون للمؤمنين الإيمان والمودة  ويبطنون الحقد والكراهية  كما قال تعالى : ( وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ  ) وذلك أشد الغيظ والحنق ، وقال الله تعالى : ( قل موتوا بغيظكم إن الله عليم بذات الصدور  ) أي : مهما كنتم تحسدون عليه المؤمنين ويغيظكم ذلك منهم ، فاعلموا أن الله متم نعمته على عباده المؤمنين ، ومكمل دينه ، ومعل كلمته ، ومظهر دينه ، فموتوا أنتم بغيظكم هو عليم بما تنطوي عليه ضمائركم  وتكنه سرائركم من البغضاء والحسد والغل للمؤمنين ، وهو مجازيكم عليه في الدنيا بأن يريكم خلاف ما تؤملون ، وفي الآخرة بالعذاب الشديد في النار التي أنتم خالدون فيها ، فلا خروج لكم منها .

إن المسلم  المتطوع للخير إمامه  نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وهو سيد الخلق وامام المتقين , فقد قيل عنه مجنون وشاعر وكاهن وقيل عن من قبله من الانبياء عليهم افضل الصلوات  سحرة ومفسدين  ويبدلون دين الله  وطلاب سلطة دنيوية  وتأمل قول قوم فرعون (وقال الملأ من قوم فرعون أتذر موسى وقومه ليفسدوا في الأرض))  فاتهموا موسى انه يفرق شملهم وانه مفسد بالأرض , ولكن هم المفسدون ولكن لا يعلمون , وحاولوا الصد عن سبيل الله بكافة الطرق اعلاميا ونعتوا عيسى ابن مريم عليه السلام بأفظع النعوت  وكذلك نشر الاشاعات واغراء العامة  بالمال ,الا ان هذا الافتراء لم يجعل الرسل ومن سار على نهجهم ان يكفوا ايدهم عن تبليغ رسالات الله وخدمة دينهم  ، فلم يعطوا هذه الافتراءات أهمية  ووزن ,حتى لا  تشغلهم عن الهدف والمقصد  الاسمى وهو نشر وخدمة دين الله ، والله يتولى عبده وهو كافيه , والله تكفل بحفظ عباده وهو مولاهم ونعم النصير ((ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا  )) ومن عادى دين الله  وفاعل الخير  فقد سبقه من هو اكثر منه  قوة ومالا واعز نفرا , ولا يفلح المبطلون من حيث اتوا ,واقول لهم ((وَقُلْ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ  ( 121 ) وَانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ 122  هود ))  وليتذكر محب الخير قول الله تعالى (أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ )), وقد جاء عن النبي: "العامل على الصدقة بالحق كالغازي في سبيل الله حتى يرجع إلى بيته" رواه أبو داود والترمذي وحسنه وابن ماجة  وصححه الالباني.

واما العاملين على جباية الزكاة فعليهم مراعاة شروط العامل: أن يكون مسلمًا كافيًا لعمله، عالمًا به، أمينًا فيه , وليفرقوا بين الزكاة والصدقة ,فللزكاة لها مصاريفها وكيفية توزيعها  واما الصدقة لا نصيب لهم بها لأنها تطوع ولا حق لهم بها , وليجعلوا هذا الحديث نصب اعينهم , قال رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنِ اسْتَعْمَلْنَاهُ مِنْكُمْ عَلَى عَمَلٍ، فَكَتَمَنَا مِخْيَطًا، فَمَا فَوْقَهُ كَانَ غُلُولًا يَأْتِي بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» رواه مسلم .


  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق