الأحد، 21 يوليو 2013

العقيدة الغائبة




العقيدة  الغائبة

يظن البعض من المسلمين أنه مادام قائما لأركان الإسلام ومحافظا على الصلوات الخمس في جماعة ومؤديا زكاة ماله للفقراء والمساكين  وصائم لرمضان ووصولا للرحم ونحو ذلك من الواجبات الشرعية المطلوبة  تجعله من اهل الجنة,  وانه  في حل من نصرة أخيه المسلم في أي مكان , فان هذا الفكر يسيطر اليوم على البعض  حتى وجدنا سلبية تامة, وليس ذلك فحسب بل هناك درجة أعلى في السلبية وهي عدم الاكتراث والاهتمام بأمور المسلمين , بل الاصعب من ذلك تجده يحرض على اخيه المسلم بحجج واهية او يثبط  الناصرين لقضيتهم  ومن سكت عن معصية ومنكر وظلم فهو شريك من حيث لا يدري..

ونصرة المسلم لأخيه المسلم واجب شرعي ومطلب ديني , ويحرم خذلان المسلم وترك نصرته  , فان النصوص الدالة على  واجب نصرة المسلم  للمسلم  تكاثرت ,  فتأمل معي قول الله تعالى :{ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيم))  ذكر الله صفات المؤمنين المحمودة  والمطلوبة ، فقال : ( بعضهم أولياء بعض  ) أي : يتناصرون ويتعاضدون .

ورحم الله الشهيد سيد قطب حين قال في ظلال هذه الاية  :كان المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض. إذا كانوا جبلة واحدة وطبيعة واحدة.. فالمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض. أن المنافقين والمنافقات مع وحدة طبيعتهم لا يبلغون أن يكونوا أولياء بعضهم لبعض. فالولاية تحتاج إلى شجاعة وإلى نجدة وإلى تعاون وإلى تكاليف. وطبيعة النفاق تأبى هذا كله ولو كان بين المنافقين أنفسهم. إن المنافقين أفراد ضعاف مهازيل، وليسوا جماعة متماسكة قوية متضامنة، على ما يبدو بينهم من تشابه في الطبيعة والخلق والسلوك. والتعبير القرآني الدقيق لا يغفل هذا المعنى في وصف هؤلاء وهؤلاء, ((الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ)) ((وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ» إن طبيعة المؤمن هي طبيعة الأمة المؤمنة. طبيعة الوحدة وطبيعة التكافل، وطبيعة التضامن، ولكنه التضامن في تحقيق الخير ودفع الشر.

وكما جاء في الصحيح : المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا وشبك بين أصابعه وفي الصحيح أيضا : مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم ، كمثل الجسد الواحد ، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر.

وكما جاء الترغيب في الوقوف مع المؤمن جاء النهي ، والتنصل عن نصرته وموالاته .. ولقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن خذلان المسلم , فأوجب حق النصرة عليه قال رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» . مُتَّفق عَلَيْهِ

 فَقَالَ الْعُلَمَاءُ الْخَذْلُ تَرْكُ الْإِعَانَةِ وَالنَّصْرِ وَمَعْنَاهُ إِذَا اسْتَعَانَ بِهِ فِي دَفْعِ ظَالِمٍ وَنَحْوِهِ لَزِمَهُ إِعَانَتَهُ إِذَا أَمْكَنَهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ شَرْعِيٌّ) النووي شرح مسلم

عدم نصرة المسلم وخذلانه  بموطن يحب فيه النصرة ومحتاجه سبب خذلان الله له يوم القيامة  فان الجزاء من جنس العمل فقد قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم "ما من امرئ يخذل امرءا مسلما في موطن ينتقص فيه من عرضه وينتهك فيه من حرمته إلا خذله الله تعالى في موطن يحب فيه نصرته، وما من أحد ينصر مسلما في موطن ينتقص فيه من عرضه وينتهك فيه من حرمته إلا نصره الله في موطن يحب فيه نصرته".) صحيح الجامع (5690

واحب الناس الى الله انفعهم للناس,  وان تمشي في حاجة اخيك احب من الاعتكاف في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم , والصلاة في مسجد النبي  بألف صلاة ,  روي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رجلا جاء إلى رسول الله  صلى الله عليه وسلم  فقال يا رسول الله أي الناس أحب إلى الله فقال أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس وأحب الأعمال إلى الله  عز وجل  سرور تدخله على مسلم تكشف عنه كربة أو تقضي عنه دينا أو تطرد عنه جوعا ولأن أمشي مع أخ في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في هذا المسجد يعني مسجد المدينة شهرا ومن كظم غيظه ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه يوم القيامة رضى ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى يقضيها له ثبت الله قدميه يوم تزول الأقدام"  حسنه الالباني

فانصر اخاك  فان الله في عون العبد ما دام العبد في عون اخيه , وان المؤمنين بعضهم اولياء بعض ناصرين لبعض يد واحدة, وان الله مع الجماعة وناصرهم  ومعهم ما داموا معتصمين بحبل الله وقلوبهم على قلب رجل واحد , لا يسمعون لمن سكن قلبه الوهن الرضوخ والسكوت للظلم.

كتبه العبد الفقير سمير ابو تيلخ 21/07/2013
 
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق