الخميس، 18 يوليو 2013

الاسراف في رمضان

 
إن  المتأمل لحال الناس في رمضان، يجد أن كثيرا منهم يخالفون  التوجيه الإلهي والإرشاد النبوي بعدم الاسراف ، فترى أن الإسراف يظهر في صور متنوعة، وحالات متعددة، حين تقدم على موائد الإفطار عشرات الأصناف من الأشربة والأطعمة والحلوى والفاكهة، حتى أصبح الإكثار من هذا عادة عند كثير من الناس، بل إن هناك أطعمة لا تعمل إلا في رمضان، حيث أصبحت لها عند الناس خصوصية في هذا الشهر المبارك، تعرف بمأكولات أو مشتريات رمضان.
وأغلب هذه الأصناف حين تقدم، لا يستهلك منها إلا الشيء اليسير، ويكون مصير الباقي إلى الإتلاف والرمي في صناديق النفايات،  وقيل : من الإسراف الأكل بعد الشبع ، وقال لقمان لابنه : يا بني لا تأكل شبعا فوق شبع ، فإنك أن تنبذه للكلب خير من أن تأكله .  وفي مجتمعنا من يفطر على شربة ماء ولا يجد ما يسد به رمقه , فالأجدر ان تنفق في الصدقات وموائد الطعام للفقراء  وإطعامهم  والتصدق بها للمحتاجين بدل رميها في الحاويات .

إضافة  إلى أن هذا الاسراف مذموم ومنهي عنه لقول الله ((وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ( 31 الاعراف))  ، وروى النسائي   وابن ماجه  عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " كلوا وتصدقوا والبسوا في غير إسراف ولا مخيلة"  حسنه الالباني .
  وقال  البخاري رحمه الله  : قال ابن عباس رضي الله عنه  : كل ما شئت ، والبس ما شئت ، ما أخطأتك خصلتان : سرف ومخيلة  ,وقال ابن عباس رضي الله عنه  ايضا : أحل الله الأكل والشرب ، ما لم يكن سرفا أو مخيلة  "
وقد اختلف في الزائد على قدر الحاجة على قولين : فقيل حرام ، وقيل مكروه . قال ابن العربي وهو الصحيح 

فإن  الاسراف له جوانب سلبية أخرى عديدة، منها أن هذه الأصناف التي قدمت على مائدة الإفطار، كلفت الكثير من المال، وأثقلت كاهل صاحب المنزل عند شرائها، فكانت سببا في زيادة مصاريفه النقدية في شهر رمضان عنها في بقية الشهور الأخرى، حتى إنها تصل عند بعض الأسر إلى أضعاف المصروف العادي ,وتصل احيانا الى اثقال كاهل العائلة بالديون الزائدة عن الحاجة .
ويضاف إلى ذلك، الأوقات التي أُهدرت في إعداد الأطعمة والأشربة، وتهيئتها، فكم من الساعات مكثت النساء والفتيات في المطابخ وهن يعملن في تجهيز طعام الإفطار، كم من أوقات ثمينة ضاعت عليهن، وكان الأجدر والأولى أن تستغل في الطاعة والعبادة ، لأن أوقات رمضان أزمنة ذهبية، لاينبغي أن تفوَّت بسهولة، بل يجب الحرص على اغتنامها واستغلالها بذكر الله تعالى، وتلاوة القرآن، ومطالعة كتب يستفيد منه القارئ والكثير من الطاعات .
إن أوقات رمضان ينبغي أن تشغل في العبادة، وأن تظهر في حياة المسلم اليومية خصوصية هذا الشهر، فلا يكون حاله في شهر الصيام، كحاله في باقي الأيام، لا يميز بين مواسم العبادة، ولا يحس بالأوقات الفاضلة، بل يستشعر روحانية هذا الشهر بأسمى معانيها، وأعظم مدلولاتها، قال جابر رضي الله عنه: "ولا يكن يوم صومك ويوم فطرك سواء".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق