الأربعاء، 5 ديسمبر 2012

أهمية التعاون في الاسلام



لقد جعل الله سبحانه وتعالى التعاون فطرة جبلية، جبلها في جميع مخلوقاته صغيرها وكبيرها ذكرها وأنثاها إنسها وجنها، فلا يمكن لأي مخلوق أن يواجه كل أعباء الحياة ومتاعبها لوحده منفرداً، بل لابد أن يحتاج إلى من يعاونه ويساعده، لذلك فالتعاون ضرورة من ضروريات الحياة، التي لا يمكن الاستغناء عنها، فبالتعاون ينجز العمل بأقصر وقت وأقل جهد، ويصل إلى الغرض بسرعة وإتقان , والتعاون هو: المساعدة على الحق ابتغاء الأجر من الله سبحانه.
والملاحظ أن نصوص الشريعة جاءت بالخطاب الجماعي , فقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا وردت 89 مرة، وقوله: يَا أَيُّهَا النَّاسُ عشرين مرة، وقوله يَا بَنِي آدَمَ خمس مرات  فإن ذلك دلالة على أهمية الاجتماع والتعاون والتكامل .
والتعاون نوعان: الأول: مما أمر الله به ورسوله, فهو التعاون على البر والتقوى كمثل التعاون في تزويج العزاب, التعاون في العلم , والتعاون لتفريج كربات المهمومين وسد حاجات المعوزين .  والثاني: التعاون على الإثم والعدوان, فهذا الذي حرمه الله ورسوله ،كالإعانة على الباطل , وكالإعانة على معصية ، أو أخذ مال بغير حق ، أو ظلم احد ، ونحو ذلك .
قال تعالى: "وَالْعَصْرِ إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ". وقال السعدي في تفسيره : "والتواصي بالحق، الذي هو الإيمان والعمل الصالح، أي: يوصي بعضهم بعضًا بذلك، ويحثه عليه، ويرغبه فيه" , وقال  ابن باز: (فهذه السورة العظيمة القصيرة اشتملت على معان عظيمة من جملتها التواصي بالحق وهو التعاون على البر والتقوى) , وقال سبحانه: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ [المائدة: 2] , قال ابن كثير في تفسيره "يأمر تعالى عباده المؤمنين بالمعاونة على فعل الخيرات، وهو البر، وترك المنكرات وهو التقوى، وينهاهم عن التناصر على الباطل والتعاون على المآثم والمحارم" . وقال القرطبي: وهو أمرٌ لجميع الخلق بالتعاون على البر والتقوى، أي ليعن بعضكم بعضًا، وتحاثوا على ما أمر الله تعالى واعملوا به، وانتهوا عما نهى الله عنه وامتنعوا منه".
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا» ثُمَّ شَبكَ بَين أَصَابِعه. مُتَّفق عَلَيْهِ, وقال ابن بطال في شرح الحديث  : "تعاون المؤمنين بعضهم بعضًا في أمور الدنيا والآخرة مندوب إليه بهذا الحديث". وقال ابن حجر: "المعاونة في أمور الآخرة، وكذا في الأمور المباحة من الدنيا مندوب إليها".
ومن فوائد التعاون: نيل محبة الله ورضاه, وثمرة من ثمرات الأخوة الإسلامية, وتقاسم الحمل وتخفيف العبء, ويجعل الفرد يشعر بالسعادة, ويزيل الضغائن والحقد والحسد من القلوب, ويسرع من عجلة التطور العلمي والتقدم التكنولوجي, ويكسبك حب الخير للآخرين ,العمل بأكثر من عقل, ويسهل العمل وييسره, ويحقق أكبر الاستثمارات, ويولد سلامة الصدر وحب الآخرين, واستغلال الملكات والطاقات المهدرة الاستغلال المناسب لما فيه مصلحة الفرد والمجتمع, القضاء على الأنانية وحب الذات , والفوائد كثيرة لا تحصى .
فالعالم يعين بعلمه، والغني بماله، والكل يعين بما يقدر عليه ، وأن يكون المسلمون  كاليد الواحدة، فإن التعاون قوة , قال صلى الله عليه وسلم: "فإن يد الله مع الجماعة وإن الشيطان مع من فارق الجماعة يركض" .رواه ابن حبان وصححه الالباني.

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق